Take a fresh look at your lifestyle.

العظيم الأول في أمة الإسلام “أبوبكر الصديق”

804

“ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر”
(رسول الله صلى الله عليه وسلم)

الإنسان الأعظم بعد الأنبياء

أبوبكر الصديق
العظيم الأول في أمة الإسلام “أبوبكر الصديق”

أبو بكر الصديق هو صاحب رسول اللّه (ص) قبل الإسلام وبعده ، والإنسان الوحيد الذي اختاره اللّه من فوق سبع سماوات ليصحب رسوله في الهجرة ، وأبو بكر هو أول رجلٍ في التاريخ يؤمن برسالة محمد (ص) ، وهو أول أعظم عشرة رجال وطأت أقدامهم الأرض بعد الأنبياء ، وأبو بكر هو الرجل الذي حمل عبء الدعوة على عاتقه منذ أول يومٍ أسلم فيه ليسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة ، وأبو بكر هو أبو السيدة عائشة رضي اللّه عنها وأرضاها، وأبو بكر هو أول خليفة لرسول اللّه (ص) .

والحقيقة أن عظمة أبي بكر رضي اللّه عنه وأرضاه وإن كانت قد برزت بعد إسلامه بشكل لافت ، إلا أنها لم تكن وليدة اللحظة ، فقد كان أبو بكر من خيرة رجال مكة قبل الإسلام ، فهو أحد العشرة الذين قُسِّمت بينهم أمور مكة في جاهليتها، وقد عُهد إليه أمرُ الديات والكفالات في قريش ، فكان لزامًا على كل من أراد أن يستدين شيئًا في مكة أن
يطلب كفالة أبي بكر الصديق أولًا .

ولأن فضل أبي بكر الصديق لا يخفى على أحد من المسلمين ، ولأن ذِكرَ جميع مظاهر عظمة هذا الرجل يعتبر من رابع المستحيلات ، فقد ارتأيت من باب الإيجاز أن أذكر فضلين اثنين فقط للصِّديق ، لو لم يقدم أبو بكر سواهما للإسلام لكفياه لكي يتربع على قمة صرح العظماء إلى يوم يبعثون ، ولن أسترسل في ذكر الجانب الديني لهذا الرجل ، فقد كتب من هو خير مني عنه ومازالوا يكتبون ، ولكني سأحاول أن أذكر سبب عظمة هذا العظيم الإسلامي من جانب إنساني بحت ، هو أقرب إلى الحياد التاريخي منه إلى التحيز، وإن كنت لا أزعم أبدًا الحياد التام وأنا اكتب عن صاحب رسول اللّه (ص) .

الفضل الأول :-

الففل الأول لأبي بكر الصديق على سائر المسلمين بل وعلى سائر البشر هو وقوفه حائلًا منيعًا أمام انحدار العنصر البشري إلى ظلمات الجهل والتخلف بعد انقطاع الوحي السماوي وانتهاء زمن الأنبياء والرسل إلى الأبد، فلقد بعث اللّه
الأنبياء بدعوة التوحيد عبر جميع العصور، فامن بهم من امن وكفر بهم من كفر، ولكن أغلب أولئك المؤمنين وذريتهم انحرفوا عن جادة الصواب بعد موت أنبيائهم ، فحرَّفوا رسالة اللّه عن قصد أو غير قصد بعد أن ضاعت الكتابات الأصلية لهذه الرسالات .

أشرك معظم العرب بعد موت إبراهيم باللّه الواحد واتخذوا لأنفسهم أصنامًا ظنًا بهم أنها تقربهم إلى اللّه ، وعبد النصارى عيسى (عليه السلام) بعد أن رفعه اللّه ، بل إن بني إسرائيل عبدوا العجل لمجرد غياب موسى عنهم لمدة أربعين يومًا فقط ! واتخذ قوم نوح أولياء الله الصالحين أربابًا من دون اللّه بقصدٍ أو بدون قصد، ظنا منهم أنهم يتقربون بذلك إلى اللّه، فصارت المرأة تدعو الأموات دون اللّه لكي يرزقها بالذرية ، وصار الرجل المهموم يدْهب للميت لكي يفرج عنه الغم والكرب ، بل وصل الشطط ببعض الناس لكي يطوفوا حول قبور أنبيائهم وأولياء اللّه الصالحين ، فصاروا للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان ! ولمّا كانت رسالة محمد (ص) هي اخر رسالة تبعث للبشر.

أصبح ضياع هذه الرسالة أو تحريفها ضياعًا للمستقبل البشري وأسباب كينونته , والحقيقة أن ذلك كاد أن يحدث فعلًا لولا أن سخّر اللّه لبني الإنسان رجلًا اسمه عبد اللّه بن عثمان أبي قحافة بن عامر التيمي القرسي، وهو نفسه الرجل الذي عُرِف في التاريخ باسم “أبي بكر الصديق” التبكيره في الدخول في الإسلام وتصديقه لحادثة الإسراء والمعراج من أول لحظة ! ، فوقف هذا العملاق العظيم بعد موت حبيب روحه ورفيق دربه ، ليبين للمسلمين أعظم قاعدة عرفتها البشرية بعد الأنبياء، قاعدة تكتب واللّه بحروف من ذهب : “من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعهد أللّه فإن اللّه حي لا يموت ” .

الفضل الثاني :-

الفضل الثاني لأبي بكر يكمن في انتصاره على جيوش الروم والفرس في اَن واحد ! فقد حاول رسول اللّه (ص) في حياته أن يصل برسالة التوحيد إلى شعوب العالم بأسره ، وفعلًا قام باستخدام الوسائل السلمية في دعوة البشر، فأرسل رسله إلى ملوك الأرض برسائلٍ تدعوهم إلى عبادة رب الناس وترك استعبادهم للناس .

إلا أن أولنك الملوك رأوا في الإسلام ما يتناقض مع ظلمهم وجبروتهم على شعوبهم المستضعفة ، فقاموا بقتل الرسل ، وحجب رسالة الإسلام عن شعوبهم المستضعفة ، فأعلنوا الحرب على رسول اللّه (ص) ، فمزق كسرى الفرس المتغطرس ( خسرو الثاني ) رسالة أعظم إنسان عرفته الأرض ، وأوعز إلى عامله في اليمن باعتقال رسول اللّه (ص) ، أما إمبراطور الروم ( أغسطس هرقل ) فقد حارب الإسلام رغم إيمانه بصدق نبوة محمد (ص)، لذلك قام أبو بكر الصديق جزاه اللّه كل خير بعملٍ لم يسبقه إليه أحد في تاريخ الفاتحين ، فالمعلوم أن ثمة قاعدة عسكرية ثابتة منذ قديم الزمان ما زالت تدرَّس في الكليات العسكرية الحديثة ، ألا وهي “تجنب فتح أكثر من جبهة واحدة في القتال العسكري ، فلقد انهزم ( نابليون بونابرت ) عندما فتح جبهة ثانية مع “روسيا القيصرية ” ، وتمزق جيش ( أدولف هتلر ) شر ممزق عندما فكر في فتح جبهة “ستالين غراد” الشرقية .

ولكن أبا بكر الصديق كان هو الإنسان الأول في تاريخ الأرض الذي كسر هذه القاعدة العسكرية بقتال جيوش أكبر إمبراطوريتين في الأرض في نفس الوقت ، فبعد أن رفض أباطرة الفرس والروم السماح لدعاة الإسلام بنقل رسالة التوحيد للشعوب المستضعفة، قام أبو بكر الصديق بتسيير كتائب النور بفرساني جلهم من أن أصحاب محمد بن عبد الله، فدكَّ الصِّديق حصون كسرى على الجبهة الشرقية بجيش تحت قيادة البطل الأسطوري (خالد بن الوليد) ، وزلزل أبو بكر ديار الروم على الجبهة الغربية بجيشبى تحت قيادة العملاق (أبي عبيدة عامر بن الجراح) ، وما هي إلا سنيّات قليلة من إعلان أبي بكر الحرب على أعظم إمبراطوريتين عرفهما التاريخ في وقت متزامن حتى أصبحت دولة الإسلام الدولة الأولى في العالم بأسره .

Comments are closed.